Queen Rania Foundation

اللغة العربية وعلم القراءة

نشر البنك الدولي في 29 يونيو/حزيران 2021، تقريراً بعنوان النهوض بتعليم اللغة العربية وتعلُّمها: مسار للحد من فقر التعلُّم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في فعاليةٍ استضافتها مؤسسة الملكة رانيا. يهدف هذا التقرير إلى تحديد وبحث العوامل المؤدية إلى ارتفاع معدلات فقر التعلّم في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث لا يستطيع أكثر من نصف الأطفال قراءة نص مناسب لأعمارهم، وفهمه بحلول سن العاشرة. ويقترح التقرير أيضاً مساراً يحدد أهم الإجراءات لمساعدة بلدان المنطقة في جهودها الرامية الى الحد من فقر التعلّم.

النتائج

يمكن اعتبار اللغة العربية سلسلة متصلة من الحلقات، بدءاً من اللغة العربية الفصحى الكلاسيكية إلى اللغة العربية الفصحى المعاصرة، وصولاً إلى العديد من اللهجات العامية المُستخدمة في التواصل اليومي. ويمكن أن يشكِّل هذا "الاختلاف اللغوي" تحديات إضافية أمام الأطفال الذين يتعلَّمون الفصحى، وهي لغة التدريس لمعظم الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ذلك لأنها تتكوَّن من نظام نحوي أكثر تعقيداً ومفردات معجمية أكثر ثراءً.
 ورغم محدودية تعرُّض الأطفال في وقت مبكر للغة الفصحى، فإنها تُقدَّم لهم في أول سنوات الدراسة بشكل مجموعة جامدة من القواعد النحوية لتعلُّمها بمجرد التحاقهم بالمدرسة، ولا يتم تشجيعهم على استخدام اللغة الفصحى والابتكار فيها بحرية، كما هو الحال بالنسبة للأطفال الذين يتعلمون بلغات أخرى. وغالباً ما يتلقى الطلاب تعليمهم المكتوب بالفصحى، إلا أن االشروحات الشفهية غالبا ما تكون العامية.

على أنّ التغلب على هذه التحديات الناتجة عن الطبيعة الازدواجية للغة العربية ليس مستحيلا، ذلك أنّ الأطفال يتعرضون للغة العربية الفصحى بشكل غير مباشر في حياتهم اليومية، بما في ذلك من خلال وسائل الإعلام، وقراءة أولياء الأمور لأطفالهم، والمواد الترفيهية المُخصصة للأطفال. ومن شأن زيادة التعرُّض للفصحى المعاصرة في السنوات الأولى المساعدة على الانتقال إلى استخدامها بالمدرسة. رغم الاختلافات الواضحة، هناك تقارب كبير بين اللهجات العامية والفصحى، ليس فقط من حيث التطابق التام بين الكلمات، بل أيضاً من حيث الكلمات التي لها الجذر نفسه أو أصل مشابه (المشتركات اللفظية). وفي حين توجد حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث في هذا الصدد، فمن الممكن الاستفادة من أوجه التشابه هذه لدعم تعلّم الأطفال للغة العربية الفصحى من خلال وضع مناهج مُوجَّهة ومتسلسلة بشكل مناسب.

ويمكن أن تؤدي إزالة علامات التشكيل في الصف الرابع أو الخامس إلى صعوبة تمييز الأطفال بين الكلمات التي تبدو متشابهة، كما يمكن لوجود علامات التشكيل  إلى إبطاء قراءة القارئ المتمكِّن. بيد أنه لن يكون كل طفل في الصف الرابع أو الخامس مستعداً لقراءة نص بلا تشكيل أو قادراً على التعامل معه في جميع السياقات (كما في النصوص الطويلة أو الأكثر صعوبة). ويجب أن يتم الانتقال إلى النصوص غير المضبوطة بالشكل بناءً على المهارات وليس على الصف أو السن، وإتاحة اختيار النص المُشكَّل أو غير المشكّل سيدعم مبادئ ممارسات التعليم الفاعلة المستندة إلى الشواهد مثل التصميم الشامل للتعلُّم، والتدريس على المستوى المناسب.

التوصيات

  1. تحديد السمات والمفردات المشتركة بين العربية الفصحى المعاصرة واللهجات العربية العامية وتوظيف ذلك لبناء جسر يمكِّن الأطفال من الانتقال من العامية إلى تعلُّم الفصحى.

  2. تدريس القواسم المشتركة بين العامية والفصحى بوضوح باستخدام مواد موجَّهة لهذا الغرض، وتحديد مدى التقارب بينهما، واستخدام ذلك لدعم تعلُّم الأطفال. ويشمل هذا البدء بالكلمات البسيطة والمشتركة بين الفصحى واللهجات العامية، وإبراز الأنماط المشتركة، وتدريس المنحى الصوتي الموجود في العربية الفصحى بشكل واضح.

  3. زيادة تعرُّض الأطفال للغة العربية الفصحى المعاصرة، لاسيما المفردات والوعي الاشتقاقي، مبكراً وبطرائق جذابة في المدرسة وبالمنزل. ويشمل ذلك تشجيع أولياء الأمور على زيادة معرفة أطفالهم باللغة االعربية الفصحى وتعرُّضهم لها من خلال القراءة لهم بها في سن مبكرة.

  4. تدريس المنحى الصوتي والمفردات والوعي الاشتقاقي للعربية الفصحى غير المستخدمة في اللهجات العامية المحلية في المدارس.

  5. زيادة اطلاع الأطفال، داخل المدارس وخارجها، على الأدب المخصص لهم وأفلام الرسوم المتحركة والبرامج التلفزيونية للأطفال باللغة العربية الفصحى وبطريقة ممتعة.

  6. تنفيذ إستراتيجيات لتعزيز تنمية المهارات اللغوية الشفهية مبكراً لدى الأطفال وانخراطهم في أنشطة تعليم القراءة والكتابة وتعلُّم اللغة العربية الفصحى، في المدرسة وخارجها.

  7. تعزيز مهارات الفهم (خاصةً مهارات التفكير العليا) من خلال إستراتيجيات تعليمية مباشرة وواضحة (مثل قراءة كتب أدب الأطفال باللغة العربية الفصحى يومياً بصوت عالٍ داخل الفصل المدرسي، وإتاحة المزيد من الحرية لاستخدام كلمات فصحى "قريبة من العامية"، وتهيئة بيئة دراسية ثرية بأدب الأطفال المحبب لدى الفتيان والفتيات).

  8. تأجيل الانتقال إلى النصوص غير المُشكَّلة لحين تطوُّر المستوى القرائي بما يناسب كل طفل، وتوفير اختيارات في مختلف  المراحل الصفية، ومواصلة استخدام النصوص المُشكَّلة بالنسبة لمن يحتاجون إلى المزيد من الدعم.

  9. من الضروري إجراء المزيد من البحوث بشأن درجة التقارب بين اللهجات واللغة العربية الفصحى في كل بلد، إضافة إلى مدلولات هذه الاختلافات في التدريس والتعلم. وبالإضافة إلى ذلك، يلزم إجراء المزيد من البحوث بشأن المناهج والإستراتيجيات التربوية الملائمة لدعم جميع الأطفال في التحوُّل إلى النص غير المُشكَّل في إطار الجهود الرامية إلى تجاوز اعتماد "نهج مُوحَّد مناسب للجميع".

الحوار