
بكل فخر: "تتمكن ابنتي الآن من قراءة الجمل والكلمات بكل سهولة" رحلة القراءة مع "لنقرأ بطلاقة"
"لقد كان من المستحيل تقريبًا أن تقرأ، حتى كلمة واحدة" بهذا بدأ والد إحدى طالبات الصف الثالث وصفه حالة ابنته قبل أن تشارك مدرستها في برنامج "لنقرأ بطلاقة". كغيرها من الطلبة في المرحلة الابتدائية، كانت طالبتنا هذه تجد صعوبة في القراءة، الأمر الذي بدأ ينعكس على أدائها الأكاديمي في المواد المختلفة فضلا عن تأثيره في ثقتها بنفسها.
لكن الأمر برمته بدأ يتغير عندما حالفها الحظ ودخلت برنامج "لنقرأ بطلاقة". لقد كان للدعم المكثف في مجموعات صغيرة في المدرسة، والتدريب المستمر في البيت الدور الأكبر في إحداث هذه النقلة؛ "لقد بدأتُ بالفعل ألمس التغيير، وأخيرًا تستطيع ابنتي قراءة الجمل والكلمات بكل سهولة، كما تستطيع قراءة النصوص المعروضة على شاشة التلفاز." تابع والدها: "لقد كان حماسها واضحًا، وسعادتها غامرة بالتقدّم الذي أحرزته، كانت فرحة جدًّا بالغرفة الخاصة بهم حيث يتعلمون القراءة كأنهم لا يزالون طلبة في صفهم الأوّل."
إنّها قصة واحدة فقط من قصص ملهمة كثيرة صادفتنا في رحلة إعداد تقرير التقييم الخاص بالدراسة البحثية "لنقرأ بطلاقة"، تحمل في طياتها ما ينبئ بما قد تحدثه دراسة مبنية على الأدلة من تغيير في واقع تدريس اللغة العربية في الأردن.
خلفية عن البرنامج
"لنقرأ بطلاقة" برنامج طُوّر بالتعاون بين مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية، ومؤسسة الوقف التعليمي، ومنظمة بي إتش بي. وهو برنامج مصمم على أساس من العلوم المعرفية ومكيّف بحيث يناسب السياق الأردنيّ، ويركّز على العمليات العصبية التي تعتمد القراءة عليها، كتمييز الحروف والمقاطع والتهجئة، وذلك باستخدام الطريقة التي طوّرتها أخصائية علم النفس المعرفي د. هيلين أبادزي.
طُبّق هذا البرنامج بغرض الدراسة البحثية على فئتين مختلفتين؛ طلبة الصف الأول جميعهم، والطلبة المتعثرين قرائيًّا في الصفوف الثلاث الأولى على النحو الآتي:
نموذج الصف كاملًا: استهدف طلبة الصف الأول الابتدائي في الشعبة الواحدة جميعهم، ونفّذه معلم الصف مع طلبته في صفهم نفسه.
نموذج الطلبة المتعثرين: استهدف الطلبة المتعثرين قرائيًّا في الصفوف الثلاث الأولى، ونفّذه معهم معلم غرفة المصادر ضمن مجموعات صغيرة في غرفة المصادر في المدرسة.
نتائج تقييم البرنامج
قيّم البرنامج في نموذجيه الاثنين –السابقين- وخلصت نتائج التقييمات إلى:
-
نموذج الصف كاملًا: البرنامج جاهز للانتقال إلى مرحلة قياس الفاعلية.
أظهر البرنامج/التدخل ضمن هذا النموذج أدلة واعدة؛ إذ فاق الطلبة الذين خضعوا له أقرانهم ممن لم يخضعوا إليه في كل من: التهجئة والطلاقة القرائية فضلًا عن فهم المقروء. فعلى سبيل المثال، ارتفع معدل الطلاقة القرائية لدى الطلبة الذين خضعوا للبرنامج من 2.27 كلمة في الدقيقة إلى 8.25، في حين أن المعدل ارتفع في المجموعة الضابطة من 2.27 ليصل إلى 4.41 كلمة.
كما أعرب كل من المعلمين وأولياء الأمور ومدربي البرنامج عمّا لاحظوه من تحسّن في ثقة الطلبة وحماسهم ومشاركتهم، فقد أدّى أسلوب التدريس المعتمد (أنا أقرأ، نحن نقرأ، أنت تقرأ) بالإضافة إلى الطريقة التي صمّم كتاب تدريب القراءة بها إلى اعتماد الطلبة على أنفسهم وتشكيل الطلاقة القرائية لديهم.
لقد أظهرت المرحلة التجريبية أن هذا النموذج جاهز للمضي قدمًا في مرحلة قياس الفاعلية ضمن مجموعة ضابطة عشوائية أخرى. وعلى الرغم من هذا، فإن التوسّع في التطبيق يقتضي الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من التعديلات والأدلة المستمدة من التطبيق في الدورات الضابطة العشوائية اللاحقة. وقد كشفت الدورة الضابطة العشوائية الحالية عن مجموعة من التعديلات التي يحتاجها التطبيق استعدادًا للمرحلة القادمة، كتمديد مدة التطبيق، وتمايز المواد التعليمية المستخدمة، وزيادة وتيرة الدعم المقدّم، بالإضافة إلى جعل التطبيق جزءًا من المنهج الوطني المعتمد.
-
نموذج الطلبة المتعثرين: أحدث البرنامج تقدّمًا غير أنه لا يزال محتاجًا إلى مزيد من التحسينات.
عندما جُرّب هذا النموذج للمرة الأولى أظهر أثرًا محدودًا جدًّا، الأمر الذي أدى إلى التفكير في إعادة تجريبه شريطة إجراء بعض التعديلات المتعلقة بتدريب المعلمين، وتقليص عدد الطلبة في المجموعات في غرفة المصادر، ومراجعة الموادّ التعليمية المستخدمة بالإضافة إلى اعتماد طرق أكثر دقة في اختيار الطلبة من الفئة المستهدفة. وقد أظهرت إعادة التجربة بعد التعديلات السابقة بعض التحسينات على الطلاقة القرائية، لا سيما في تمييز المقاطع وتهجئة الكلمات.
وعلى الرغم من تحقّق هذه التحسينات إلا أن العقبات ما تزال قائمة؛ فعملية اختيار الطلبة من الفئة المستهدفة صعبة ومكلفة للغاية، ولذا فإن هذا النموذج لا يزال محتاجًا إلى مزيد من الاختبار والتجريب والتعديل قبل البت بجهوزيته للانتقال إلى مرحلة قياس الفاعلية.
الخطة المستقبلية
تشير الأدلة إلى أنّ برنامج "لنقرأ بطلاقة" يحمل في طياته فرصة لتحسين تدريس القراءة في المرحلة الابتدائية في الأردن، ومع جاهزية نموذج الصف كاملًا للانتقال إلى مرحلة قياس الفاعلية، فإن مؤسسة الملكة رانيا تعمل بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم على توسيع قاعدة الممارسات المعتمدة على الأدلة لدعم تعلّم مزيد من الطلبة القراءةَ بطلاقة وثقة ومتعة.