Queen Rania Foundation

استجابة قطاع التعليم لجائحة كورونا في الأردن والدول العربية الأخرى

12

لقد تم نشر هذا المقال سابقاً على موقع opendeved

إن أعمال مشروع تفعيل تكنولوجيا التعليم في الأردن مدفوعة بالتفاؤل بقدرة التكنولوجيا الرقمية على سدّ الفجوات في المنظومة التعليمية والإيمان بأهمية تطوير نهج قائم على الأدلة لاستخدام التقنيات الرقمية في التعليم.

تتمثل أهم تحديات التعلُّم التي فُرضت علينا الآن بصورة غير متوقعة في التخفيف من فقدان التعلُّم لعدد هائل من الطلبة مع إغلاق المدارس والجامعات وقطع الروابط الاجتماعية مؤقتاً. وكما هو متوقع، أصبح التعلُّم الرقمي الآن في طليعة أنشطة الاستجابة التعليمية.

وفي ضوء ذلك، نعتقد أنه سيكون من المفيد تحديد كيفية استخدام دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتكنولوجيا بهدف دعم التعلُّم في خضم أزمة تفشي فيروس كوفيد-19. وإذا فاتنا أي شيء، يسرّنا أن تتواصلوا معنا وتشاركونا مدخلاتكم (يَرِد عنوان بريدنا الإلكتروني في نهاية هذا المنشور). نأمل أن يكون هذا المورد مورداً حياً بإسهاماتكم المستمرة.

الاستجابة التعليمية لأزمة كوفيد-19 في الأردن

حتى الآن، أظهر الأردن براعة يُشهد لها بالنظر إلى القيود المفروضة على موارده. فقد تم استخدام القنوات التلفزيونية لأغراض توفير المحتوى التعليمي (على سبيل المثال، تبث قناة الرياضية دروس التوجيهي)، وتم تعزيز منصات التعلُّم الإلكتروني القائمة للسماح للمعلمين بتقديم الدروس عن بُعد (مثل "مايكروسوفت تيمز" و"إدراك")، بالإضافة إلى منصات أخرى لمشاركة مواد أو مهام التعلُّم مثل "قاعة دراسة جوجل". كما يستخدم المعلمون منصات التواصل الاجتماعي مثل "واتساب" لمشاركة محتوى التعلُّم مع الطلبة وأولياء الأمور.

تمثلت الاستجابة الجديدة الأكثر أهمية في إنشاء منصة "درسك"، وهي منصة تعليمية جديدة للطلبة من مرحلة رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر توفر محتوى في شكل مقاطع فيديو منظمة تتوافق مع المنهج الدراسي وتسلسله. إلى جانب ذلك، يعد موقع Teachers.gov.jo منصة جديدة تم تطويرها للمعلمين بواسطة منصة "موضوع" وتغذيها الدورات الإلكترونية التي تقدمها "إدراك" للمعلمين. تقدم هذه المنصة دورات للمعلمين عبر الإنترنت تتمحور حول أدوات التدريس عن بُعد، والمفاهيم الأساسية (مثل التعلُّم المدمج)، واستراتيجيات التدريس المناسبة، وتطبيق تكنولوجيا التعليم لدعم عملية التعلُّم.

ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، من الواضح أن وزارة التربية والتعليم في الأردن تقوم بالابتكار في ظروف صعبة للغاية وبسرعة غير مسبوقة.

ماذا تفعل الدول الأخرى في العالم العربي؟

إن نمط الاستجابات في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأخرى يشبه ما نراه في الأردن. على سبيل المثال، استخدام التكنولوجيا لإنشاء "صفوف دراسية" للتعلُّم عن بُعد (لبنان والمغرب وعُمان) بالإضافة إلى استخدام القنوات التلفزيونية لبث محتوى للتعلُّم عن بُعد (لبنان والمغرب والبحرين). أما الأدوات المستخدمة للتواصل بين المعلمين والطلبة أو أولياء الأمور فهي في الغالب واتساب أو فيسبوك مسنجر أو زوم وسكايب لمكالمات الفيديو.

من ناحية أخرى، هناك مبادرات أخرى في المنطقة يمكن تشكل مصدر إلهام للأردن. على سبيل المثال، توزيع المحتوى المكتوب على الطلبة الذين يعيشون في مناطق نائية ولا يستطيعون الوصول بسهولة إلى الإنترنت (لبنان) أو إعداد حصص دراسية استدراكية لهم بعد الحجر الصحي (المغرب). ومن الأمثلة الأخرى شراكات وزارة التربية والتعليم الجديدة مع شركات الاتصالات لتزويد الطلبة بإمكانية الوصول إلى مجموعة أكبر من المواقع الإلكترونية/المنصات التعليمية دون الاتصال بالإنترنت (المغرب وعُمان).

تعمل بعض الدول أيضاً على إشراك أولياء الأمور من خلال منحهم إمكانية الوصول إلى البوابات الإلكترونية حيث يمكنهم البقاء على اطلاع على تقدم أبنائهم وبناتهم (البحرين) أو ببساطة إعداد دليل لأولياء الأمور يقدم بعض الإرشادات حول كيفية مساعدة أبنائهم في المنزل (الإمارات العربية المتحدة).

بمزيد من التفصيل -

1 

 المنصات الإلكترونية القائمة

معظم وزارات التربية والتعليم (ستة) في العالم العربي تؤيد استخدام المنصات القائمة (غالباً، قاعة دراسة جوجل وميكروسوفت تيمز)، تشمل الأمثلة المثيرة للاهتمام لمنصات أخرى منصة "ألف" المستخدَمة في الإمارات، والتي توفر التعلُّم المخصص/ التكيفي في مبحث الرياضيات. في الإمارات أيضاً، يتم استخدام منصة "Matvak" (الطفولة المبكرة) ومنصة "نهلة وناهل" (مهارات القراءة بالعربية).

2 

 إنشاء منصات إلكترونية جديدة

أطلقت العديد من وزارات التربية والتعليم منصات جديدة للتعلُّم عن بُعد والتنمية المهنية للمعلمين. ومن الأمثلة على ذلك منصة "تلميذ" في المغرب ومنصة "مزيد" في قطر. في لبنان، تعمل جمعية تعليمية على تقديم دورة مجانية (مع التركيز على علم أصول التدريس) لمساعدة المعلمين على الانتقال إلى التدريس عبر الإنترنت.

2 

 إشراك أولياء الأمور

الأدوات الأكثر استخداماً للتواصل مع أولياء الأمور وإبقائهم على اطلاع على تقدم أبنائهم هي واتساب وفيسبوك (مثل الأردن والبحرين). قامت دول أخرى بإعداد أدلة وبتجميع نصائح لأولياء الأمور يرجعون إليها أثناء تكيفهم مع دورهم الجديد كأولياء أمور ومعلمين في المنزل (قطر، الإمارات).

 5

 شراكات/ علاقات تعاونية جديدة

في كل من عُمان والمغرب، أسفرت الشراكات بين شركات الاتصالات ووزارات التربية والتعليم عن إطلاق مجموعة أدوات "G Suite للتعليم" لجميع المدارس وإمكانية الوصول إلى المواقع الإلكترونية التعليمية دون الاتصال بالإنترنت. في مصر، تعاونت وزارة التربية والتعليم مع مايكروسوفت لتوفير برامج "أوفيس" للطلبة مجاناً.

6 

البراعة في الأساليب غير التقنية

  • قام لبنان بتوزيع مواد/محتوى مكتوب على الطلبة الذين يعيشون في مناطق نائية والذين ليس لديهم الأجهزة أو وسائل الاتصال المطلوبة.
  • تسمح دول أخرى للطلبة بتقديم مشاريع بحثية بدلاً من التقدم للامتحانات. (مصر)
  • تقوم المدارس بإعداد حصص دراسية استدراكية بعد الحجر الصحي للطلبة. (المغرب)

باختصار، تستخدم معظم الدول القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية مثل يوتيوب لتقديم الدروس إلى جانب منصات التعلُّم عبر الإنترنت ("بيج بلو بوتون" أو "إدمودو" أو بوابة التعلُّم القائمة الخاصة بالمدرسة) والمواقع الإلكترونية. وتتّسم هذه الجهود بنطاق ضيق من الأساليب التربوية (تعتمد بشكل كبير على رقمنة محتوى الكتب المدرسية والأسلوب التقليدي القائم على تلقين المعلم للطلبة). كما أن فرص دعم الطلبة في الابتكار والتعاون والتفكير الاستراتيجي والإبداع مفقودة حالياً. بالإضافة إلى ذلك، يتم توفير عدد قليل جداً من الأساليب غير التقنية، مما يثير القلق بالنسبة لفئة معينة من السكان الذين لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت أو الأجهزة المطلوبة.  

 دور المدارس

 ومن الجدير بالذكر أننا حالياً وفي خضم هذه الأزمة غير قادرين سوى على القيام بدورٍ محدود مقارنةً بالدور الذي تقوم به المدارس الجيدة في هذا الصدد.

على سبيل المثال، بالإضافة إلى التعلُّم في المباحث الأساسية مثل الرياضيات والقراءة، تساعد المدارس الأطفال الأكثر ضعفاً وتدعمهم، فهي تسمح للأطفال باللعب والتفاعل الاجتماعي، وتعزز من صحتهم النفسية والاجتماعية والبدنية، بالإضافة إلى أنها تسمح لأولياء الأمور بالعمل. تبذل وزارات التربية والتعليم والمدارس جهوداً هائلة في مجال التعليم والتعلُّم، ولكن لا تزال المبادرات التي تهدف إلى مساعدة الأطفال وأولياء الأمور العاملين، أو تشجيع اللعب، أو الحفاظ على الصحة والرفاه، ضئيلة للغاية.

التوقعات بشأن احتياجات التعلُّم بعد مرور الأزمة

بطبيعة الحال، فإن معظم الجهود تُبذل حالياً على تلبية احتياجات التعلُّم الفورية الناشئة عن الأزمة. إلى جانب ذلك، من الضروري الآن التطلع إلى المستقبل لتحديد الآثار والقضايا على المدى المتوسط والطويل من أجل الاستعداد والتخطيط وفقاً لها.

على سبيل المثال، تتضمن السيناريوهات المعقولة الناتجة عن الأزمة انخفاضاً في متوسط مستويات التعلُّم، وانخفاض معدلات الالتحاق بالمدارس، حيث لم تعد الأسر الفقيرة قادرة على تحمُّل تكلفة الفرصة البديلة لالتحاق أطفالها بالمدارس، كما أن الأطفال الأكثر حظاً من الأسر ذات الدخل العالي، أو ذوي التحصيل العالي أصلاً، يتقدمون أكثر إلى الأمام، في حين أن الطلبة الأقل حظاً يتراجعون أكثر إلى الوراء. (انظر هذا المنشور الصادر عن البنك الدولي).

ونتيجة لذلك، ومع استمرار الجائحة في تعطيل العملية التعليمية، من الضروري التطلع إلى المستقبل ومحاولة توقع الفجوات والتفاوتات الكبيرة في التعلُّم التي يمكن أن تؤدي إليها هذه الجائحة عند عودة الطلبة إلى المدارس.

يمكننا أيضاً تعلُّم دروس من هذه الأزمة من خلال النظر إلى الوراء. فقد ازدادت وتيرة التغيير في التعليم بشكل واضح، و(بحكم الضرورة أكثر من التصميم) ازداد استخدام تكنولوجيا التعليم اتساعاً وعُمقاً. على سبيل المثال، فإننا نتعلّم دروساً مهمة حول أصول التدريس، وأهمية تدريب المعلمين وحلقات التغذية الراجعة المُحكمة؛ من الممارسة إلى السياسة.

دعونا نتمسك بكل ما حققناه خلال هذه الأزمة، ونحتفل في ذات الوقت بكل الأمور الرائعة التي تحققها وتتيحها مدارسنا العظيمة.