Queen Rania Foundation

ما وراء المعرفة والتنظيم الذاتي

كرّست مؤسسة الملكة رانيا جهودها لتطوير أساليب التدريس القائمة على الأبحاث ونشرها وتكييفها في الأردن والمنطقة؛ للتقدّم بالتعليم والتعلّم، لا سيّما تعليم القراءة والكتابة. ولذا عقدت شراكةً مع مؤسسة (Education Endowment Foundation EEF) - ومقرّها المملكة المتحدة - لترجمة وتكييف وتطوير مجموعة من أدوات التعليم والتعلّم تشمل مراجعات للدراسات التربوية ونتائجها؛ لتحديد الممارسات التربوية الأكثر ملاءمةً في ضوء الأدلّة.

نشرت المؤسسة مجموعة أدوات التعليم والتعلّم لأول مرة عام 2021، وأعادت نشرها بعد إجراء بعض التحديثات عام 2023، وقد تنوّعت التحديثات التي أجريت عليها بين دمج لبعض الأدوات المتشابهة لتعزيز الترابط بينها، كما حدث في أداة "الواجبات المنزلية"، أو بحذف بعضها الآخر. ومن أجل دعم تطبيق هذه الأدوات عمليًا، فقد أعدّت المؤسسة دليل المدارس لإشراك أولياء الأمور في دعم تعلُّم القراءة والكتابة (2020) بحيث يساعد المدارس على إدماج أولياء الأمور في مسيرة تعلّم أبنائهم ويوفّر لهم مصادر مساندة تساعدهم على دعم تعلّم أبنائهم من المنزل.  وقد كان لهذا الدليل فائدة كبيرة في دعم تعلّم الأطفال لا سيما عند التحوّل إلى التعليم عن بعد في ظل جائحة كوفيد-19. وتعمل المؤسسة حاليًا على إعداد دليلين آخرين حول التغذية الراجعة واستراتيجيات الاستيعاب القرائيّ، وهما أداتان عاليتا الأثر منخفضتا التكلفة، ولهما أهميّة كبيرة في عمليات التعليم والتعلّم.

وضمن سعيها المتواصل لتقديم الأدوات منخفضة التكلفة عالية الأثر، فإنه من المخطط بعد الانتهاء من الأدلة المذكورة سابقًا أن تباشر المؤسسة العمل على دليلٍ مماثل لأداةٍ ثالثة "ما وراء المعرفة والتنظيم الذاتي"، وتأمل إنجازه في 2024-2025. وعلى نحوٍ مماثل للتغذية الراجعة واستراتيجيات الاستيعاب القرائيّ، يُحرز الطلبة الذين يتعلّمون استراتيجيات ما وراء المعرفة -في المتوسط- تقدّمًا يُعادل سبعة أشهر إضافية على مدى عام، مقارنةً بغيرهم من الطلبة.

يُمكن فهم ما وراء المعرفة، وهو مفهومً غامض بطبيعته، من خلال فهم المعرفة - العمليات الذهنية التي يستند إليها التعلّم والتنمية المعرفية - أولًا، ويمكن التمثيل عليها بالحفظ، والطرق المختلفة لحلّ معادلة تربيعية، واستخدام الوسائط المختلفة لتحقيق نهايات مختلفة في صف الفنون، وما إلى ذلك. فيما يُشير مفهوم ما وراء المعرفة إلى الطريقة التي يفهم بها المتعلّمون وينظّمون معرفتهم الخاصة، فقد يسأل الطلبة الذين لديهم وعي بما وراء المعرفة أنفسهم: متى يكون الحفظ مفيدًا؟ ما الأوقات الأخرى التي يمكنني أن أحلّ فيها مسألةً رياضية بهذه الطريقة؟ وما الوسط الأفضل لهذا الخيار الفنّي؟ وبالتالي، فإنه يُمكن فهم ما وراء المعرفة أكثر على أنّها المعرفة التي يكتسبها الفرد عن نفسه وعن المهمّة التي يقوم بها والاستراتيجيات اللازمة لإنجازها بنجاح. تُشكّل كل من المعرفة وما وراء المعرفة، إلى جانب الاستعداد للمشاركة واستخدام المهارات، عناصر من التعلّم المنظّم ذاتيًا الذي ينبغي للمعلّمين إدراكه؛ لمساعدة طلبتهم على أن يكونوا متعلّمين أكثر نجاحًا.

ينبغي للمعلّمين بدلًا عن تعليم ما وراء المعرفة والتنظيم الذاتي بشكل منفصل باعتبارها مادة عامة غير مقترنة بموضوع أو مهارة محددة أن يضمّنوا ما وراء المعرفة واستراتيجياتها في مواد ودروس ومهام محدّدة؛ لضمان فعالية تلك الاستراتيجيات وتحسينها. ويُمكن للمعلّمين تحقيق هذا الهدف من خلال مجموعة من الوسائل، مثل: التدريس المباشر لاستراتيجيات ما وراء المعرفة، والنمذجة وشرح عمليات التفكير الخاصة بهم، وتشجيع النقاش فيما وراء المعرفة في الغرفة الصفيّة.

ومن أجل توضيح فهم تعلّم ما وراء المعرفة والتنظيم الذاتي وتنفيذه بنجاح، تُقدّم مؤسسة Education Endowment Foundation (EEF) سبع توصيات (رؤية تقرير توجيه تعلّم ما وراء الطبيعة والتنظيم الذاتي الصادر عن EEF) تتمثّل بما يلي:

  1. اكتساب المعلمين الفهمَ والمهارات الفنيّة ذات الصلة؛ للمساعدة على تطوير معارف ما وراء المعرفة لدى طلبتهم.
  2. تدريس المعلمين طلبتهم استراتيجيات ما وراء المعرفة والتنظيم الذاتي مباشرةً؛ حتّى يفهموا تعلّمهم وينظّموه بطريقة أفضل. 
  3. نمذجة المعلمين عمليات تفكيرهم الخاصة؛ لمساعدة الطلبة على تطوير مهاراتهم المعرفية وما وراء المعرفية، على سبيل المثال: يمكن للمعلّمين توضيح طريقة تفكيرهم في حلّ مسألة رياضيّة عند العمل على المسألة مع الصف. 
  4. تحدّي الطلبة بطريقة مناسبة، بحيث لا يكون التحدي صعبًا جدًا أو سهلًا جدًا. 
  5. تحسين نقاش ما وراء المعرفة وتطويره في الغرفة الصفيّة. 
  6. تعليم الطلبة كيفية إدارة تعلّمهم الخاص بفعالية - أولًا من خلال التمرين الموجّه بدعم من المعلّم ومن ثمّ باستقلالية. 
  7. ينبغي للمدارس دعم المعلّمين في تعليم استراتيجيات ما وراء المعرفة وتدريسها (من خلال التدريب وتوفير الموارد) بحيث تُصبح ما وراء المعرفة جزءًا طبيعيًا من التدريس اليومي، بدلًا عن واجب إضافي أو مرهق.

سيُحسّن التنفيذ الناجح ودعم المدارس أيضًا من تعلّم الطلبة الأقل حظًا، وهو هدف مهم يقع في صميم الجهود الرامية إلى تحقيق المساواة في التعليم. إنّ التدريس المباشر لاستراتيجيات ما وراء المعرفة يشجّع هؤلاء الطّلبة على ممارسة هذه المهارات واستخدامها أكثر في المستقبل، ومن خلاله يمكن أن يستخدم الطّلبة هذه الاستراتيجيّات بشكلٍ مستقل واعتياديّ؛ ما يمكّنهم من إدارة تعلّمهم والتغلّب على التّحديّات بأنفسهم في المستقبل.

تستمر مؤسسة الملكة رانيا من خلال أدلّة إشراك أولياء الأمور، والتغذية الراجعة، واستراتيجيات الاستيعاب القرائيّ، وما وراء المعرفة والتنظيم الذاتي، في تقديم الموارد القائمة على الأبحاث التي ستُساعد المعلّمين والأهالي ومديري المدارس وصنّاع السياسات على اتخاذ قرارات مستنيرة؛ لتحسين التدريس والتعلّم، والمساعدة على تطوير متعلّمين ناجحين وممكّنين في الأردن والمنطقة.