Queen Rania Foundation

لندعم رواد المشاريع التعليمية لأننا نحتاج الى الكثير من فرص العمل الأفضل

Jobs

بات معروفاً أن الوعد الذي يُفيد بأن التعليم قادر على تسهيل الطريق للحصول على الوظيفة الجيدة هو وعد لا يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط. فعلى الرغم من النجاح الهائل الذي حققته المنطقة في توسيع نطاق سُبل الوصول إلى التعليم، إلا أن نسبة البطالة ما زالت حوالي ٣٠٪ بل وأعلى من ذلك بالنسبة للخرّيجين (حيث لم يحصل حوالي اثنين من كل خمسة خرجين على وظائف). ولكن كيف يمكن لهذا الأمر أن يحدث بالرغم من أن التحليلات الاقتصادية الدقيقة أظهرت أن هناك مكاسب اقتصادية هائلة تم حصدها من التعليم؟

يكمُن جزء من الإجابة على هذا السؤال في العوامل التي تؤثر على الطلب على المهارات، مثل قدرة القطاع العام و الخاص على إنتاج وظائف جيدة بالمعدل الذي تحتاجه المنطقة. وهناك عاملٌ آخر كان أقلّ جدلاً وهو: أننا لا نُنتج ما يكفي من المهارات التي يحتاجها الاقتصاد. ويمكننا هنا أن نستعير عبارة قالها أندرياس شلايشر، مدير التعليم في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، "هناك نقص في المهارات في الدول، وليس نقصاً في الشهادات". 

في الواقع، عندما ننظر إلى السنوات التي تلي التعليم، أو حتى المؤهلات التي تم اكتسابها، لندرس ما يعرفه المتعلمون بالفعل وما يمكنهم أن يقوموا به، فإن الصورة التي تظهر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي أنها لا تتمتع بما يكفي من التعلُّم. فعلى سبيل المثال، لو أن بيانات الاختبار الدولية التي تتيح لنا الفرص للمقارنة بين ما تعلّمه الطلبة كانت متوفرة، فإن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحصل على درجات أقل بكثير من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ومن بين الدول الستة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي استطعنا الحصول على بيانات خاصة بها يمكن استخدامها للمقارنة، فإن الإمارات وقطر هم فقط من استطاعوا أن يلبّوا الحد الأدنى من معايير الكفاءة في جميع الموضوعات الثلاثة (الرياضيات والقراءة والعلوم). 

لذا، إذا أردنا إعادة الربط بين عملية التعلُّم والازدهار، يجب أن نوجّه تركيزنا على جودة نتائج عملية التعلُّم التي نقدّمها. وهذا يعني العمل على معالجة ما يتعلمه الطلبة وسُبل تعليمه.

يمكن للعوائد المحتملة التي قد تنجم عن الاهتمام بالتفاصيل أن تكون عميقة. فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة رائعة قام بها مجموعة من الاقتصاديين لتحليل دورة حياة ١.٢ مليون مخترع أمريكي في الفترة ما بين ١٩٩٦ إلى ٢٠١٢، أن الاختلافات في التعرض المبكر للعمل والخبرة في المجالات المبتكرة (مثال: اختراع تطبيقات او رؤية الأخرين يقدموا اختراعات كأجهزة طبية جديدة) كانت أقوى مؤشر على ما إذا كان هذا الشخص سيتوجّه إلى الابتكار والإبداع في وقتٍ لاحقٍ من حياته (حتى أنه سيتمكّن من التفوّق على "قدرته الفطرية"). وهذا يعني: ضرورة تعرّض المزيد من الشباب - في المدارس والكليات والمجتمعات – إلى تجارب تعليمية حيث يمكنهم ابتكار الأمور وصنعها وتبادلها وتحسينها على المستويات الاقتصادية.

ويمكن أن تزداد أهمية هذا الأمر فقط إذا تغيرت أنواع الوظائف التي يخلقها الاقتصاد ومجموعات المهارات التي يتطلّبها. فعلى سبيل المثال، إذا أخذنا الاتجاه الضخم في تحويل الأنظمة إلى أنظمة آلية سنجد أن هذا الاتجاه استطاع أن يخلق اقتصاداً عالمياً حيث سيتم تنفيذ المزيد والمزيد من المهام بواسطة الآلات، أو من خلال أفراد يعملون جنباً إلى جنب مع هذه الآلات. ويعمل البشر بالفعل مع الروبوتات في المخازن كما يستخدم أخصائي الأشعة برامجاً للتعرف على الأورام بنجاح، ويستخدم المحامون برنامج   الذكاء الاصطناعي AI  للكشف عن الوثائق.

سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن العالم العربي مُحصّن ضد هذه الاتجاهات – فقد شهدنا التقديرات الكمية هنا وهنا وهنا. وسيكون من الخطأ أيضاً الاعتقاد بأننا لا نستطيع توقّع بعض الآثار المترتبة على الطلب على المهارات البشرية. فعلى سبيل المثال، من المُرجّح أن تكون الوظائف في المستقبل أكثر تطلباً من حيث المعرفة من تلك الموجودة اليوم؛ حيث سيُلقي الضغط على المهارات البشرية بشكلٍ خاص مثل تلك المرتبطة بمهن الرعاية؛ وسيكون الإبداع والابتكار أكثر قيمة، بينما من المُرجّح أن تصبح القدرة على التعاون (بين البشر والآلات) من السِّمات الهامة بشكلٍ متزايد في العمل اليومي.

يمكننا تلخيص الآثار المترتبة على التعلُّم في شقّين. أولاً، يجب أن يقوم المتعلمون بتحقيق المزيد. ثانياً، يجب أن يقوموا بالعمل على تحقيق المزيد ضمن مجموعة أوسع من مخرجات التعلُّم. ولتحويل هذا الأمر إلى حقيقة، فإن تحقيق الطلبة للمزيد يعني الحاجة إلى معالجة قضايا مثل الفجوة في الإنجاز بين الجنسين وفقدان التعلُّم من المدارس ذات الفترتين وإجراء تغييرات تدريجية في تحصيل مادة الرياضيات. وتعني مجموعة أوسع من النتائج أن الطلبة الذين ما زالوا يكتسبون المعرفة، ومن يستطيع تطبيق هذه المعرفة أيضاً، يستطيعون التفكير بشكلٍ منظم والابتكار بشكلٍ تعاوني.

وسيؤدي تلبية هذه الاحتياجات إلى البحث عن سُبل جديدة. ولاستخدام عبارة "مؤسسة الملكة رانيا" التي نعمل بها، يجب أن نعمل على "إيجاد حلول لأثر التعليم". وهذا يعني أننا نحتاج إلى طرح منهجيات جديدة تُقدّم تعليماً أفضل بشكلٍ واضح واختبارها وتوسيع نطاقها. ونحن نؤمن أن هناك موارد غير مُستغلة لأنواع الابتكارات التي نحتاجها، من ضمنها الابتكارات الواعدة التي لم تستغلّها المنطقة بشكلٍ جيّد بما فيه الكفاية، وهي مجموعة الأفراد الذين نسمّيهم روّاد المشاريع التعليمية.

ومن الأمثلة الرائعة على ذلك حنان خضر من مؤسسة Hello World Kids، وهي منظمة أردنية نشطة توفر المناهج والموارد والتدريب الذي يتيح الفرص للأطفال واليافعين للانتقال من مستهلكين سلبيين للعالم الرقمي إلى مبدعين نشطين. 

وتمثّل هذه المؤسسة أفضل أوجه المنهجيات الريادية القادرة على تقديم القيمة الاجتماعية. كما استطاعت هذه المؤسسة أن تحقق هدفها الاجتماعي فضلاً عن نموذج العمل المستدام عندما بدأت في تحديد الاحتياجات التي لم يتم تلبيتها وعندما بدأ صبرها بالنفاد من الوضع الراهن. ومن خلال نظرتهم المستقبلية، استطاع الطلبة تعلُّم البرمجة وحل المشكلات والتفكير من خلال الأنظمة والتعاون والتحليل. وباختصار، استطاع الطلبة تعلّم أنواع المهارات التي سنحتاج إليها أكثر في المستقبل. ولقد وصلت المؤسسة إلى ٤٠ ألف طالب في الأردن وحده، ويتوقع أن تصل إلى ١٥٠ ألف طالب في العام القادم.

وفقاً لرأينا، يستحق هذا الأثر تحقيقه!

للأسف، على الرغم من هذه الإمكانيات، فإن المجال العام للابتكار الاجتماعي ما زال في طور النمو وضعيف وغير مدعوم في منطقة الشرق الأوسط. وكما صاغ تقرير مؤسسة ومضة ببلاغة: "إن الريادة الاجتماعية... في العالم العربي تقف عند مفارقة: فالعالم العربي لديه كل الأسباب ليزدهر ولكن لديه كل الأسباب أيضاً لينحدر". وقد توصل البحث الذي نقوم به حول الفرص والتحديات التي يواجهها رواد الأعمال التربويون في المنطقة إلى استنتاجٍ مُماثل. وعلى الرغم من وجود عددٍ قليلٍ من الجهود الريادية (مثل مؤسسة الفنار)، والجهود التي ترافقها في مجال الابتكار الإنساني / التنموي (مثل مسرّع التعليم الإنساني)، إلا أن مدى ريادة الأعمال التعليمية منخفض، وإن وُجِد؛ فإنه لا يحصل على الدعم المطلوب.

وقد أهملنا مشاعرنا التي تتجسد في عبارة ("يجب أن نقوم بما هو أفضل من ذلك") والعمل بشكلٍ نشط على الفرصة المتاحة أمامنا لبذل المزيد من الجهود. وذلك لأن هذا لا يمكن أن يكون مسؤولية مؤسسةٍ واحدة - تماماً كما هي حاجتنا إلى حركة من روّاد القطاع التعليمي، لذا فنحن بحاجةٍ إلى جهدٍ جماعيٍ لدعمها.

نودُّ أن نسمع منك إذا كنت تريد الانضمام إلينا. ولكن، دعنا نبدأ – حيث أفاد ٤٠٪ من أصحاب العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن توفر المهارات هو عائقٌ رئيسٌ أمام النمو. فهيّا بنا لنجمع ما بين الريادة والغايات الاجتماعية لنتمكّن من تغيير الوضع الحالي!